مين فينا ما راحش دهب لأول مرة وقال الجملة الشهيرة “أنا عايز أعيش في دهب”؟ بصراحه أي حد بيزور المدينة الساحرة دي بتفضل الفكرة دي تلاحقه فترة كويسة حتى بعد ما يرجع القاهرة والدنيا تلهيه تاني. مين مابيحلمش بعيشة بسيطة ولبس بسيط وبحر وروقان طول الوقت؟

طيب الناس اللي عايشين هناك دول (مصريين وأجانب) عملوا كده ازاي وليه؟ مبسوطين ولا ندموا على قرارهم؟ بيشتغلوا فين وازاي؟ كان لازم حد يجاوبنا على كل الأسئلة دي، وعشان كده دردشنا مع شخص عمل ده وحب يشارك الناس تجربته!

يسرا هاشم إبراهيم فلالي، 26 سنة، جرافيك ديزاينر، قررت بعد التخرج تستقل وتسيب بيتها وشغلها الجديد وحياتها فى القاهرة وتروح تعيش في دهب. ازاي خدت القرار ده -اللي زي ما قولنا كتير من الناس اللي بتسافر وبتحب دهب فكرت فيه على الأقل مرة- وإيه المشاكل اللي واجهتها في بيت أهلها هنا في القاهرة وفي بيتها الجديد في محافظة جديدة؟

امتى وليه قررتي تعيشي في دهب؟

قررت أنقل دهب في 2018. ليه؟ اللي حصل إني زورت دهب أول مرة وأنا في أولى جامعة (مع مامتي) وحبيت المكان جدًا وحسيته قريب من شخصيتي لإن دهب مليانة فن وألوان وطبيعة ودي كلها حاجات أنا بحبها. ساعتها جتلي فكرة إني أعيش هناك، بس طبعًا كان مستحيل أقدر أعمل ده وقتها. 

بعد أربع سنين، كنت اتخرجت وسافرت سياحة بره مصر، وبدأت شويه حواجز تتكسر وبدأت آخد حريتي أكتر في البيت وفي المجمل عمومًا. لقيت شغل في agency كويسة بس فضلت حاسة إني مش مبسوطة في القاهرة وفي شغلي ومش لاقية نفسي مع الناس اللي حواليا. دايمًا كان عندي إحساس بعدم الإنتماء وإني في المكان الغلط.

القاهرة مكان مكتوم أوي. زحمة وعشوائية ورتمها سريع اوى وكل الناس بتجري ومشتتة (أعتقد زي أي عاصمة أو مدينة كبيرة في أي حته في العالم) وده شيء كان مسبب لي إزعاج. خاصة إني شخص إنطوائي بنسبة كبيرة وبميل أكتر للطبيعة والهدوء.

“دخلت على موقع توظيف و لقيت مدرسة خاصة في دهب طالبة مدرسين انجليزي، قدمت واتقبلت وسافرت على طول”

يسرا بتحكيلنا إن الموضوع كان صعب عليها في الأول، لإن كل المميزات اللي كانت بتستمتع بيها في دهب لما بتسافر “سياحة” بقت هي أسلوب حياتها خلاص. المدرسة كانت موفرة لها سكن لطيف بس ظروفه صعبة شوية. فضلت أول شهر بتحاول تعود نفسها على حياتها الجديدة، المستقلة كليًا، وكانت ساعات كتير بيوحشها بيت أهلها وحياتها فى القاهرة (أيوه اللي كانت اصلًا من ضمن مشاكلها) بس المرحلة الإنتقالية دي صعبة على أي حد.

ايه مساوئ تجربتك في العيشة في دهب؟

دايمًا حلم دهب الجميل ده بنفتكره خالي من المشاكل والعقبات والحاجات الرخمة دي. بس يسرا قالت لنا غير كده. من الحاجات اللي كانت هي معجبة بيها في دهب مثلًا فكرة إن الناس كلها لطاف واجتماعيين بزيادة وعمرك ما تحس إنك لوحدك، دي اتحولت لحاجة بتزعجها بعد فترة. ليه؟ لإن وشك بيبقى معروف لكل الناس وكله بيتعامل معاك بعشم لدرجة إنك بتحس بنوع من أنواع “التطفل” أو عدم احترام لمساحتك الشخصية شوية.

“كنت بعمل نفسي بتكلم في التليفون وأنا نازلة اشتري حاجة عشان صاحب السوبرماركت ممكن يقعد نص ساعة بيتكلم ويدردش معايا”

تاني أكتر حاجة ضايقت يسرا بشكل شخصي هي فكرة “الابتذال” أو Stereotype بتاع الشخص البوهيمي “الدهباوي” اللي بيمشي حافي في الشارع ويعرض على أي حد ميعرفوش إنهم يبقوا صحاب ويتعرفوا على دهب (بحكم الأقدمية وكدة) وإن العيشة في دهب عبارة عن مجتمع صغير، يعني بحر ويوجا الصبح وبالليل سهر وشرب وشكرًا على كده. وازاي الناس بقت باصة لأي شخص بيقرر يعيش في دهب لازم بالضرورة يبقى ده أسلوب حياته وغير كده يبقى شخص غريب أو دهب دي مش مكانه!

“لما كنت برجع القاهرة ساعات، كنت بتكسف أعرف الناس إني دلوقتي عايشة في دهب عشان محدش يبصلي بصة معينة وبالذات لإني بنت وعايشه لوحدي”

ومع ذلك، يسرا مش بتحكم عالناس اللي اختاروا أسلوب الحياة ده، هي مؤمنة إن كل شخص حر يعيش ويتبسط براحته. بس كانت بتتمنى إن هناك برضه مايبقاش في نمط معين مفروض عليك. لإن الناس أصلًا بتهرب من المدن الكبيرة زي القاهرة عشان نفس الأسباب دي. القاهرة للأسف مكان مكبوت في كل حاجة. الناس ما بتصدق تلاقي مكان زي دهب عشان تاخد حريتها بشكل أكبر. عشان كده دهب بيقولوا عليها ……”مستشفى كبيرة “

كلمينا عن روتينك هناك، يومك كان بيمشى إزاي؟

بصحي بدري على 7 كده، بعمل فطاري وبجهز لبسي وشنطتي وماسك snorkeling لو هنزل البحر بعد المدرسة. بروح المدرسة وبتعامل مع أطفال (مصريين وبدو وأجانب) بعد الشغل بروح البحر وبتغدى وبنزل المايه وبصور شويه (بحب التصوير والdocumentation) وممكن بالليل أشوف حد من صحابي أو أروح الجيم واليوم بيخلص بدري. 

شباك البيت في السكن

إيه المكاسب اللي طلعتي بيها من التجربة دي؟ وهل ندمتي؟

أنا راضية عن التجربة دي تمامًا ومفيش أي حاجة ندمانة عليها. من أهم المكاسب هي إن دهب ادتني الفرصة أكتشف نفسي. أعرف أنا بحب إيه وبكره إيه، وإيه السلوكيات المقبولة بالنسبالي وإيه اللي مش مقبولة. لما عيشت في دهب كمان اتعلمت ازاي أحب نفسي وأحب جسمي أكتر واتصالح معاه. خاصة إن مفيش حد هناك بيبص عليك ولا بيحكم عليك من شكلك ولبسك!

“الناس لما بتبقى مبسوطة بتساعد بعض”

الناس اللي عايشة في دهب رايقيين وحياتهم رايقة وبسيطة. وده السبب إنهم friendly جدًا ومتعاونين طول الوقت. من أول الفكهاني لغاية ظابط الشرطة. على عكس القاهرة مثلًا، كل الناس بتجري ومضغوطة ومش طايقين نفسهم، هيساعدك ويضحك في وشك إزاي؟ 

وفي نفس الوقت برضه، اتعلمت أقول “لا” وأحط حدود من غير تبرير للناس اللي بتستغل طبيعة الحياة في دهب عشان تفرض نفسها بزيادة عليك (زي ما وضحت فوق!)

بقيت بعرف أطبخ وأوفر في الفلوس، لأن أي حد عاش في دهب هيبقى فاهم إن مهما اشتغلت إيه، الفلوس هناك وخاصة المرتبات قليلة جدًا. ده بيخليك تأقلم أوضاعك على البساطة والتوفير. والظروف هناك برضوه مهيئة جدًا لكده. يعني ممكن تخرج وتروح البحر معاك أكلك وشربك من البيت وتنبسط وتخلص وتاخد شاور في أي كافيه من غير ما تدفع أي حاجة!

” أنا قابلت خطيبي في دهب”

يسرا شرحت لنا إزاي الحياة في القاهرة متكلفة و بتخلينا كلنا نمثل وممكن كمان تضيع علينا فرص كتير. إزاي؟ حكتلنا انها كان عندها صديق من القاهرة وعمرهم ما قدروا يعرفوا بعض ويتقابلوا، بس لما راح دهب في اجازة وقابلها هناك قضوا وقت كبير مع بعض بدون تكلف وحبوا بعض ودلوقتي بيخططوا لفرحهم. هي شايفة ان ده عمره ما كان هيحصل في القاهرة لظروف كتير أوي!

إيه النصايح اللي تحبي تقوليها لأي حد بيفكر ياخد نفس الخطوة؟

انبهر بالطبيعة بس خليك حذر من الناس!

اختار التوقيت كويس. أنا عملت كده لما كنت لسه متخرجة وقدامى فرصة أجرب. بس ممكن في وقت تاني ألاقي ده مش مناسب ليا!

تقبلوا الإختلاف وخلوا عقلكم مفتوح لأي تغيير. ماتخافوش لو لقيتوا نفسكم بيتغيروا شويه بشويه!

آخر حاجة، المايه في البيوت هناك سيئة جدًا وهتتعبوا شويه على ما تتعودوا عليها!