كيت هارينجتون

من أقل من يومين، بطل جيم أوف ثرونز “كيت هارينجتون” أعلن أنه هيدخل مركز لعلاج الإدمان (Rehab) عشان يتعافى من إضطراب القلق و إدمان الكحول اللي زادوا عنده بسبب ضغط المسلسل في الأواخر. ويمكن باللي عمله ده أثبت أنه أشجع من جون سنو شخصيًا.

طبعًا كلنا عارفين ان الحلقة الأخيرة من جين أوف ثرونز اتعرضت الاسبوع اللي فات. وطبعًا بردو كلنا عارفين أن العالم كله -اللي بيتفرج ومبيتفرجش- كان منتظر يعرف المسلسل اللي قالب الدنيا بقاله ٨ سنين ده هيخلص على ايه.

يعني اللي متابعينوا كانت اعصابهم بايظة من كتر الانتظار والتوقعات والتخيلات. فما بالكوا بالضغط اللي الممثلين نفسهم كانوا حاسين بيه.عشان كدة أما عرفنا أن كيت هارينجتون كان بيعاني من ضغط نفسي وقلق حاد أدى لشربه الزايد واحتياجه لعلاج مكناش متفاجئين.

المفاجأة اللي بجد كانت شجاعة كيت وقدرته على تقدير خطورة الموقف وضرورة إهتمامه بيه -لأنه دخل بإرادته و إختياره محدش أجبره-.بس المفاجأة الأسوأ كانت إستهزاء الناس بالموقف واعتبارهم للمشاكل اللي عنده “تافهة” وأنه “بيأفور” أو تعاملهم معاه على أنه جون سنو مش إنسان حقيقي.

وده وضح عدم إدراك وقلة إستيعاب قوية جدًا من طرفنا. عشان كان قررنا نوضح شوية حاجات بخصوص الموضوع ده.

١. جيم أوف ثرونز من أكبر الظواهر التلفزيونية على مر التاريخ، وده بيساوي توتر.

في ناس كتير مستتفهة قلق كيت هارينجتون وتأثره بضغط المسلسل لدرجة أنه يدمن ويخش مصحة أو مركز لعلاج الإدمان. وفي ناس كمان شايفين أنه بيأفور أو بيستعبط.

بس هل الناس دي مدركة أن ده واحد بقاله قرب ال١٠ سنين مكرس حياته والكارير بتاعه لحاجة واحدة. وأن الحاجة دي بتخلص والكاركتر اللي قضى معاه الفترة دي كلها من عمره خلاص مش هيبقى موجود.

وهل بردو مدركين أن الحاجة دي الناس كلها مترقباها وبتتكلم عنها وبتنتقضها (وكلنا عارفين الإنتقاد بيوصل لايه). تخيلوا حجم التوقعات والتوتر اللي كان حاسس بيه.

وزي ما ممكن نتفهم أن الضغط والتوتر ممكن يجيبولنا قرحة أو سكتة قلبية، ليه غريب أنهم يجيبولوه إضطرابات قلق أو يخلوه يدمن.

٢. الإجهاد النفسي والذهني حاجة كلنا بنحس بيها وبتأثر علينا، مش دلع ولا إستعباط.

كلنا بنوصل لمرحلة أننا مجهدين ذهنيًا ونفسيًا من الشغل أو أي حاجة في حياتنا لدرجة أن ميكونش عندنا طاقة فاضلة لأي حاجة. ومع ذلك أما نسمع أن حد حاسس بكدة أو قصر في حاجة بسبب كدة، بنلومه ونقول ده بيتدلع أو يستهبل!

بس الحقيقة الحالة دي من الإجهاد الذهني مش بس شعور، دي حالة نفسية مرضية معترف بيها من مؤسسة الصحة العالمية! يعني مفيش أي حاجة غريبة في أن كيت هارينجتون مر بحالة من الإجهاد الذهني نتيجة طبيعة شغله وإنتهى بيه المطاف بالإدمان واللجوء لعلاج على إيد متخصصين.

٣. القلق والضغط ممكن يؤدوا للإنتحار مش بس الإدمان.

الضغط النفسي أو إضرابات القلق بأنواعها (anxiety disorders) مش مجرد “شوية قلق وبيروحوا لحالهم” دي أمراض نفسية (أمراض حقيقية) وبتغير حياة اللي بيعانوا منها للأسوأ بشكل كبير.

أسباب تعرض الناس ليها أو إصابتهم بيها بتختلف من شخص لآخر، وأعراضها وآثارها بردو بتختلف من شخص لآخر.

يعني مش شرط الموقف اللي مأثرش فيك ولا جابلك قلق ميأثرش في غيرك. ومش معنى أنك قدرت تتعامل مع قلقك مع نفسك وبهدوء وسلاسة، أن غيرك هيقدر يعمل نفس لحاجة من غير ما يأثر عليه ومش هيأثر عليه.

بمعنى: مش شرط كلنا نفهم اللي مر بيه كيت هارينجتون، بس شرط كلنا نقدره ونحترم مشكلته ومش لأنه جون سنو، لأنه إنسان وبيعاني من مرض وبيحاول يتعالج منه.

٤. إدمان الكحول ده حاجة خطيرة وممكن تودي بحياة أي إنسان، مش “كفر” ولا “سكر”.

مش محتاجين نتكلم طبعًا عن كم الناس اللي حياتها بتدمر من كل النواحي بسبب إدمان أي نوع من أنواع المخدرات أو الكحول. الإدمان مرض جشع. بيسرق كل حاجة في حياة الشخص المدمن بما فيهم القدرة على السيطرة وتقدير وضعه.

وعشان كدة نادر أما تلاقي حد واعي بما فيه الكفاية بإدمانه وخطورته لدرجة أنه يدخل نفسه مصحة بإرادته قبل ما الوضع يسوء أو يعمل مصيبة بمعنى أصح، بالذات لو الشخص ده شخصية عامة وسمعته هتتأثر بده!

وعشان كدة اللي عمله كيت هارينجتون ده إن دل بيدل على شجاعة و إدراك عالي من طرفه. وواجب على الكل -سواء معجبيه أو لأ- أنه يشجعه ويحييه على شجاعته دي.

٥. كيت هارينجتون حقيقي، جون سنو مش حقيقي.

من كتر ما كيت هارينجتون بقاله كتير بيلعب جون سنو، ومن كتر ما الناس متعلقة بالمسلسل وشخصياته، كيت بقى محفور في مخيلة ناس كتير على أنه جون سنو. بس! فالناس بتتعامل معاه على هذا الأساس وتنسى أنه إنسان طبيعي مختلف عن جون سنو وأن جون سنو ده شخصية خيالية مش بتمثله.

فبالتالي أما خبر دخول كيت مصحة نفسية إنتشر، الناس إستهزأت بالموضوع وفي ناس كانت فرحانة فيه عشان هو (جون سنو) في آخر المسلسل مكانش عاجبهم أو عشان قتل دانيريس أو عشان أي حاجة متعلقة بجون سنو اللي هو مش حقيقي! بس استهزائهم ده كان بمعاناة كيت (اللي هي حقيقية).

لازم نتعلم نفصل بين الشخصية اللي بنشوفها على التلفزيون والإنسان الحقيقي اللي بيمثلها. عشان كلامنا بيوصل للإنسان ده مش للشخصية اللي بيلعبها. وفي وقت حرج زي اللي بيمر بيه كيت، آخر حاجة محتاجها هي أنه يحس أن اللي الأزمة اللي بيمر بيها دي مجرد نكتة أو punch line للناس عن جون سنو.

أخيرا وليس آخرًا، حاجة قولناها كتير بس لازم نقولها تاني، أما يكون في حد بيعاني من مشكلة ما، بيمر بأزمة ما، واحنا مش فاهمين اللي بيمر بيه، فيه إختيار من اتنين.

يا إما نحاول نفهم ونستوعب اللي هو فيه ونساعده حتى لو بكلمة كويسة، يا إما نسكت. عشان أقل الإيمان هو إن لو منقدرناش ننفع، على الأقل منضرش.