الاكتئاب
سنعرض في سلسلة من المقالات كل ما يتعلق بالاضطرابات والأمراض النفسية التي نعاني منها، عبر معلومات علمية موثوق منها وأيضا عن تجربة شخصية، وسنبدأ بالحديث عن أكثر مرض شائع وهو الاكتئاب، ما هو وما هي أنواعه؟ كيف نتعرف على إصابتنا بنوع من أنواعه وكيف نعالجه؟
دائما ما يتم الخلط بين الحزن والمشاعر السلبية العادية وبين الاكتئاب المرضي، كما أن الموضوع لا زال من التابوهات أو المحرمات، لربط مرض الاكتئاب بالابتعاد عن الدين، أو ربطه بالأمراض العقلية التي تترجم على أنها جنون، ولذلك فالجهل بالمرض وقلة الخبرة العلمية تجعل المصابين بالاكتئاب يخجلون منه ويتكتمون عنه لدرجة أنهم يعتقدون أنه سيختفي فعلا وأنه سيعالج بأشياء بسيطة وقليل من الإرادة وكثير من الصلوات، إلا أن الموضوع مختلف تماما عن الواقع.
الاكتئاب هو اضطراب نفسي ناتج عن نقص بالمواد الكيميائية الموجودة بالمخ والجسم كافة، ويؤثر ذلك على الحالة النفسية للمريض ويعكر مزاجه بشكل مستمر ويحس المريض أنه يعيش في ثقب أسود لا يستطيع الخروج منه، ويحس بحزن غير طبيعي واستياء وانعدام الأمل وشعور بالفراغ، كما أنه لا يقوى على اتخاذ قرارات أو العمل، كما يشعر بتوتر وأعراض جسدية قوية كالغثيان وآلام جسدية ووعكة صحية غير مفهوم أعراضها وتعب يكاد يكون مستمرا، كله هذه الأعراض والاضطرابات تمنعه من الاستمتاع والحياة والإحساس بالسعادة المؤقتة وأي نوع من المشاعر الإيجابية، وإذا لم يعالج الاكتئاب، فإن الجسد يفقد وظائفه وقد يؤدي ذلك إلى الانتحار.
ما هي أسباب الاكتئاب؟ سؤال مستفز جدا للمريض الذي لا يستطيع في الواقع تحديد السبب، وعموما أسباب الاكتئاب كثيرة وتختلف من شخص لآخر ويمكن أن تتمثل في تجربة قاسية مر بها المريض في طفولته مثلا، أو أن المريض يتبع نمط حياة سبب له هذا الاضطراب، أو قيامه بحادث، أو بكل بساطة ولادته باضطراب نفسي آخر (اضطراب الشخصيّة غير المستقرّة مثلا وسنتحدث عنها في مقال آخر) سبب له اكتئاب مدى الحياة، وكل هذه أسباب تؤدي إلى هذا المرض، وكما أشرنا فهذا يختلف من شخص لآخر، فمثلا الشخص الذي يعيش في عزلة بعيدا عن الناس بعد وفاة أحد والديه يكون أكثر عرضة للاكتئاب من شخص آخر اختار بإرادته أن يعيش وحيدا وبعيدا عن الآخرين، أو الفتيات اللواتي تعرضن لأي نوع من أنواع العنف الجسدي أو الجنسي في أي مرحلة عمرية من حياتهن، هؤلاء يتعرضن لأقسى أنواع الاكتئاب واضطرابات أخرى كالقلق والتوتر المرضي.