مصطلح الثورة الجنسية ظهر بشكله الواسع في فترة الستينات في المجتمع الغربي وخصوصا أمريكا، حيث حدثت تغيرات كبيرة في نظرة المجتمع للجنس بما في ذلك صدور تشريعات قانونية كان الهدف منها تنظيم وحماية الجنس كممارسة وفكر.
نفس الأمر يحدث في مصر والمنطقة العربية حاليا ولكن الفرق الوحيد هو أن الثورة هنا تحدث بشكل جزئي من فترة ومؤخرا تضاعف هذا الجزء وبدأت تظهر بوادره على السطح في هيئة ظهور علني للمارسات الجنسية وظهور أكبر للتعبير عن تلك الممارسات أو الرغبة في ممارستها بطرق مختلفة عن السائد.
حركة الهيبيز الأمريكية في الستينات
هذه الثورة تنقسم إلي شقين، الشق الأول يرتبط بالفكر، فالتفكير في الجنس تطور بشكل كبير في الفترة الأخيرة، سواء إزدياد عدد المؤمنين بأنه شيء طبيعي ويجب ممارسته خارج الأطر الرسمية والإجتماعية المقبولة له بجانب تغير الطريقة التي نمارسه بها، فكثير من الناس أصبحت اكثر تقبلا لفكرة التجريب، والشق الأخر يرتبط بالممارسة، فالعلاقات الجنسية خارج منظومة الزواج ” المنظومة الرسمية الوحيدة ” لممارسة الجنس قد زاد بشكل كبير وأصبح هناك قبول كبير لفكرة أن تستحيل أن تستمر فكرة أن الزواج هو الطريقة الوحيدة لممارسة الجنس.
مشهد من مسلسل تحت السيطرة

لا ينبغي أن ندفن رؤوسنا في الرمال أكثر من ذلك

تجاهل الحديث عن الموضوع قد يكون له عواقب كبيرة، فالسكوت قد يعني وصول الأمر لمستويات قد تضر جميع الأطراف، بما فيها منظومة الأسرة والزواج كعلاقة رئيسية تنظم الجنس في مجتمعاتنا الشرقية، يجب أن نسأل أنفسنا عن كيف وصلنا إلى هنا؟ وكيف سيصل الأمر بنا ؟ والسؤال الأهم: إذا كان التغيير قادم بالفعل كيف نريد أن يكون شكل هذا التغيير؟

كيف وصلنا إلى الثورة الجنسية؟ 

تعددت الأسباب والجنس واحد، فكما تعلمون جميعا أن الجنس كالطعام غريزة ومتطلب أساسي للبقاء ككائن حي طبيعي، ولكن دعونا من هذه النقطة ولنتحدث عن بعض الأسباب التي قد يفهمها معظمنا.

إنهيار منظومة الزواج واختفاء الزواج العرفي 

خلال 2015 سجلت الإحصائيات الرسمية 170 ألف حالة طلاق في مصر أغلبها في الفئة العمرية من 25 –  35 أي بمعدل حالة طلاق كل خمسة دقائق تقريبا وبمجموع أكثر من خمسة ملايين مطلق ومطلقة الأن، حالات الطلاق أغلبها تحدث بسبب المشاكل المادية والجنس والخيانة وغيرها، فلو تغاضينا عن أسباب الطلاق التي للجنس دور كبير فيها فهذا يعني أيضا أن هناك خمسة ملايين مصري ومصرية خارج منظومة الزواج وهم في سن وحالة مثالية تسمح لهم بممارسة الجنس دون تلك القيود التي تفرض على غيرهم ممن لم يعبروا بمنظومة الزواج.
استفتاء على تويتر لقياس رأي الناس في سبب تراجع ظاهرة الزواج العرفي في مصر
في عام 2006 وطبقا للإحصائيات الرسمية كان يوجد في مصر أكثر من مليون حالة زواج عرفي وكان معدل الزواج العرفي وقتها أكثر من 400 ألف حالة سنويا، الأن الموضوع قل بنسبة كبيرة فهل يا ترى انتهت الظاهرة لأنها كانت عيب وحرام أم أنها أصبحت موضة قديمة  وهذا العدد المليوني من الشباب وجد طرق أخرى لممارسة الجنس؟

الرجل لم يعد اللاعب الوحيد، المستوى الثقافي والمادي للمرأة جعلها ندا للرجل

مشهد من مسلسل سجن النسا
رغم أن وضع المرأة في مصر لا يزال دون المأمول إلا أنها بدأت في تحقيق مكاسب على أرض الواقع، فنسبة التعليم بين الإناث تكاد تقترب من الرجال في معظم الأماكن والطبقات وبالتالي أصبحت نسب عمل المرأة اكبر من قبل وأصبحت تشغل جميع الوظائف، عمل المرأة خلق لها فرص أكبر في الإستقلالية وبالتالي الخروج من دوامة أن الزواج هو الحل الوحيد كي تكمل حياتها بصورة طبيعية

إرتفاع تكاليف وسن الزواج 

بجانب إرتفاع حالات الطلاق ووجود مشاكل وخلافات مستديمة في العلاقات الزوجية تأتي الأزمة الإقتصادية وارتفاع تكاليف الزواج لتدق مسمار اخر في نعش المنظومة، فتكاليف الزواج الأن لا يتحملها أغلب المصريون وإن تحملوها فيكون ذلك في سن متأخر، فتسبب ذلك مثلا في ارتفاع سن الزواج للرجل حتى وصل لـ
30 سنة  والمرأة لحوالي 30 سنة، فالعملية الجنسية التي كان مقرر أن تحدث في أوائل العشرينات تأجلت عشرة سنوات دفعة واحدة، ولا تتوقعوا ان يصمد الجميع دون جنس خلال واحدة من أكثر فترات التوهج الجنسي للجنسين.

الإنترنت غير كل شيء 

على الإنترنت يوجد كل شيء، يوجد ثقافات مغايرة أصبح من السهل علينا معرفتها والإحتكاك بها، والجنس عامل أساسي في أي ثقافة، فمثلا ثقافة العلاقة بين الرجل والمرأة أصبحت منتشرة ولم يعد ينظر إليها بتلك النظرة من قبل على الأقل في بعض الطبقات العليا والمتوسطة، تلك الثقافة التي حلت محل الزواج والزواج العرفي بجانب الثقافات الجديدة كثقافة ” أصدقاء المنفعة ” وهي علاقة تقوم على صداقة بين الرجل  والمرأة ويكون الجنس موجودا فيها دون الوقوع في الحب

   الإنترنت أيضا – كما أوردت في مقال سابق – جعل الوصول للطرف الأخر سهل فأغلبية المصريون يستخدمون الإنترنت الأن وهذا سهل كثيرا في أن يجد الناس أفرادا يصلحون لإقامة علاقة خارج نطاق الأصدقاء وزملاء الدراسة الضيق الذي قد يواجهون فيه بعض المشاكل.

الأمر لا يقتصر على طبقة معينة 

قد يعترض البعض قائلا أن الثورة الجنسية ربما تحدث داخل طبقات معينة بسبب تفكيرهم الثقافي ومستواهم المادي واحتكاكهم بثقافات غربية وخلافه ولكن الحقيقة أن الموضوع طال كل الأماكن والطبقات ولكن ربما بنسب متفاوتة، فظاهرة ” العناتيل ” على سبيل المثل التي وقعت أحداثها في الأقاليم تؤكد أن الثورة ليست حكرا على منطقة أو طبقة، فكل عنتيل تسربت له عشرات المقاطع الجنسية مع عشرات الفتيات والسيدات فما بالك بعدد المقاطع التي لم تتسرب وما بالك بعدد العلاقات التي أقامها ولم يتمكن فيها من التصوير.
وفي نهاية المطاف يجب أن نعترف أن المجتمع يتغير وأن ما كان ممنوعا في الماضي أصبح متاحا ويحدث الأن وأن ثقافة المنع والغلق لا تؤدي أبداً للنتائج المرجوة منها، نعم يجب أن نجلس ونتحدث بصراحة وبدون خوف حتى يمكننا الوصول لسيناريو جيد .. لأن ما يحدث الأن في الخفاء لن يستمر في الخفاء طويلا وأول من سيصدم سيكون هم من أغلقوا أذانهم وأعينهم.
وانتظروا الجزء الثاني من سلسة ” الثورة الجنسية في مصر ” وقصص واعترافات عن ما يحدث من تغير في الحياة الجنسية للمصريين

 

==============

المقال ليس ابداء رأي سواء بالموافقة او بالرفض ..نحن نترك القرار للقراء