دماغ الشخص الانطوائي وأفكاره بتختلف اختلافات جوهرية عن الشخص الاجتماعي أو الشخص العادي. ردود الأفعال التلقائية لأي حد غيره، ممكن تبقى قرارات مصيرية محتاجة تفكير وحسابات معقدة. درجة التفكير بقى بتزيد أو بتقل حسب أهمية القرار وحجم صعوبة الموقف نفسه. ولإني بنت انطوائية، وبكتب من تجارب الواقع الأليم (مش من وحي خيالي للأسف) قررت أجمع في المقال ده جمل صعب إن الشخص الانطوائي (زيي) يقولها

الباقي ورا يسطا

الموقع: ميكروباص في مكان ما في القاهرة
الموقف: محتاجة الباقي بتاعي
درجة التوتر: 50
ديه الجملة اللي بحلم أقولها عشان أعرف انزل واوصل للمكان اللي رايحاه في سلام. لكن لأسباب خفية عني انا شخصيًا، الجملة مش عايزة تطلع. انا مش شايفة صوتي عورة مثلًا، أو خايفة اللي راكبين معايا ينبهروا بقدرتي على إني اتلخبط في حروف جملة من 3 كلمات، لكن انا ببساطة .. صوتي مش طالع.
ولو فاكرين إن معاناتي بتخلص لحد هنا، فانا يادوب بوصف البداية! لإن المعاناة بتتقسم لمستويات

لو دافعة 100 لـ 200 جنيه
في الحالة ديه، مش هتكسف أقولكم إني بترعب أقول للسواق إني انا اللي دافعة وكإني اتقفشت بسجارة في حمام البنات في مدرستي مثلا من الناظرة.

لو دافعة 50 جنيه
بكون عارفة إن هيكون فيه تكدير عام والسواق مش هيحبني عمومًا، بس لإن المبلغ مش قليل فبلاقي مبرر عالأقل إني أقول ”باقي الـ50 ورا يسطاااا“ بقلب. ماهو أصلها 50 جنيه. 

لو الباقي أقل من 10 جنيه أو فكة عمومًا
في اللحظة ديه بفتكر إني يمكن ماتصدقتش للفقرا بقالي كتير فمش مشكلة، مش هتفرق على النص جنيه ولا الخمسة جنيه الباقيين يعني. بس الفرق في الحالة ديه، إن سواق الميكروباص مش فقير، هو أغنى مني انا شخصيًا. 

ممكن تشد الكرسي لقدام؟ يسطا؟

الموقع: تاكسي يجوب بيا أنحاء القاهرة
الموقف: محتاجة أقول للسواق إن المساحة اللي موجودة لرجلي تناسب حد أصغر مني بـ 10 سنين
درجة التوتر: 80

جملة تبان سهلة، بس الواقع حاجة تانية! لما بتحط في الموقف ده  بيدور في دماغي أفكار كتير زي إن ”هل السواق اللي لسه مقابلاه من خمس دقايق ده ممكن يزعل مني؟“ أو مثلًا ”هل في النص دقيقة اللي هيعدل فيها الكرسي ديه هنعمل حادثة ونموت؟“ وأحيانًا برده بيخطر في بالي أسئلة وجودية تمامًا زي ”هو الموضوع يستاهل اني أعرف السواق طبقة صوتي العظيمة؟ ما الحياة مش مكان مريح عمومًا ويمكن ده تدريب؟“ وبينتهي بيا الحال إما إني اتقبل وضع رجلي الجديد للكام دقيقة / ساعة اللي هقعدهم في التاكسي، أو إني استجمع قوايا الفكرية والجسدية وأقول الجملة المنشودة في نفس واحد، فيتخض السواق من طبقة صوتي المريبة، واحس انا إني استحق اخد جايزة نوبل في الشجاعة.

أجب عن السؤال الآتي: إيه أخبار الأكل يا فندم؟

الموقع: مطعم في مكان ما في القاهرة
الموقف: محتاجة أقول رأيي في الأكل
درجة التوتر: 150

لما بكون رايحة آكل في مكان بكون متوقعة حاجتين بس من المطعم والدنيا كلها: إني اتساب في حالي، وإن الأكل يكون مش بايظ. لكن عشان الحياة مش بتدي الواحد كل اللي عايزه، حتى لو كان مستوى توقعاته في الأرض، لازم ده يحصل. مهما حاولت أقول لنفسي إنه خلاص حصل وارتاحت، ببقى عارفة إنه هيحصل تاني، قانون الاحتمالات بقى. وعشان لحظة ما يسأل الجرسون عن تجربتي مع الأكل تكون أسهل، طلعت بحجة صايعة، وهي إني أثبت إجابة واحدة لكل المطاعم والأصناف والأطباق، اللي هي  ”تمام لطيف“ مع ابتسامة مصطعنة. أوقات الجرسون بيصعب السؤال ويسأل في تفاصيل، وساعتها بزهقه بردودي الثابتة المملة، فيزهق مني ويمشي.

صعبة أوي القاهرة على الانطوائيين، مش كده؟