بقلم : إيمان عبد العزيز

 

 فى البداية أحب أقولكم إننا فى مشكلة ، و مشكلة كبيرة! المشكلة دى اسمها محنة وجود آدم على الأرض. طول الوقت الإنسان بيدور على حد أو حاجة يتعلق بيها ، و الكلام ده مبنى على نظرية نفسية اسمها نظرية التعلق Attachment theory ، إن الإنسان من أول يوم نزل على الأرض محتاج علاقة مع شخص واحد على الأقل ، علشان ينمو نمو عاطفى طبيعى.
تفتكروا ده حاصل ليه؟
من ٦ شهور ل سنتين البنى آدم مننا محتاج طول الوقت يروح يكتشف حاجة جديدة ويرجع يقول لبنى آدم تانى  ده بص لقيت إيه؟ أنا شاطر جدَا أهو، أنا مش ف مشكلة ولا محنة وجودية ولا حاجة!
بس الموضوع ده صحى جدَا على فكرة، مجرد إن فى حد موجود نرجعله يقولنا براڤو كمِّل/أنا سامعك.

 

تعالوا أقولكم حاجة (دايمًا كنا بنسمع إن الإنسان عنده احتياج للأمن والأمان) ألّا هو فى فرق بين الأمن والأمان؟
الأمن هو إنى أبقى ضامن إن مفيش حاجة بتهدد وجودى وسلامتى الجسدية، لكن الأمان هو الشعور الداخلى جوايا إنى كويس وإن فى حماية حد ومحدش يقدر ييجى جنبى. الأمن و الأمان حاجات لازمة علشان أنتج وأبقى بنى آدم.
ومن بعد السنتين بيحصل تَعوّد تلقائى إن مخى ربط السعادة بإنى أعمل حاجة وأروح أوريها لحد ويقولى براڤو قوم بعد كده أروح أكمل شغل وأنا مبسوط.
 و ده بياخدنا لسؤال تاني
ليه العلاقات اتعملت، ليه مينفعش حد طبيعى يروح يعيش فى الصحرا وميتعاملش مع أى حد؟
بعد البحث والتمحيص، لقينا إن العلاقات اتعملت علشان تلات حاجات ملهمش رابع.
وكلامنا عن العلاقات دلوقتى فى إطار عام جدَا اللى هو علاقتنا المجردة بأى شخص اللى مش شرط كمان يكون ارتباط بالجنس الآخر.

 

أول حاجة : الأكل 

أول م بنتولد بيكون الأكل هو فرصتنا الوحيدة للبقاء، وبما إنهم اكتشفوا حاجة اسمها الجين الأنانى اللى بيحارب علشان نعيش  حتى لو غصب عننا! فبنبدأ نكون علاقة مع الشخص اللى بيأكلنا، واللى فى الأغلب بيكون الشخص ده والدتك!

تانى حاجة : الاستجابة 

مفتاح أى علاقة حاجة اسمها الإستجابة أو الResponsivness ، فكرة إن الشخص اللى ممكن أكوّن معاه العلاقة دى يستجيب لوجودى فى الحياة، ولإحتياجاتى اللى مبتخلصش، يدعمنى، إنه يبتسم/ يهز رأسه/يسأل عنى/يجيب لى شوكولاتة كده يعنى ببساطة الشخص ده أحس معاه إنى متشاف و إنى موجود.

تالت حاجة : الأحتياج

قالوا زمان إن الإنسان عنده احتياج بيولوچى biological need)) إنه يحس بوجود شخص مقرب ليه يقدر يلمسه، ويحس إنه قريب منه، وده اتأكد لما واحد اسمه Harlow عمل بحث على مجموعة من القرود! القرد اللى مقربش من مامته وهو صغير طلع قرد/شخص مؤذى وعنيف.
الخلاصة إن التلات حاجات اللى قلناهم بيصبوا فى فكرة واحدة إنى أحافظ على وجودى ، علشان فى حد أكّد لى إن وجودى مهم!
أخيرا بقى لما التلات حاجات دول بيتلخبطوا بتحصل حاجة اسمها (قلق الإنفصال) أو separation anxiety ، اللى هو فلسفيَا و أدبيَا الشعراء بيسموه الغُربة.
الفكرة اللى ترجعنا للعنوان ، احنا مبنعرفش نعوم وكل يوم بنحاول على قد ما نقدر إننا منغرقش، لأننا أصلًا مش من هنا، احنا جايين فى رحلة وماشيين ، راجعين تانى مطرح ما جينا.
ف احنا لما بنقابل ناس ف حياتنا، لازم نبقى عارفين إن دى فرص الترانزيت بتاعتنا ، مش إننا خلاص وصلنا، احنا لسه مسافرين.
الموضوع بيبدأ يبقى مؤذى لما النقطة دى تغيب عن بالك، إنك تفتكر إن الشخص اللى اتعلقت بيه ده هو الرحلة، لأ فوق لنفسك الشخص ده (أكل/استجابة/احتياج) حتى هثبتلك، الشخص ده لو أى حاجة من التلاتة وقعت ، هيرجعلك تانى إحساس الغربة العجيب ده!.
واللى بيبقى ساعتها جرس إنذار ، بيقولك: ” فوق ها متريّحش كده “.
علشان كده متضحكش على نفسك ، وتدور على الإستقرار و الأمان بوجود شخص تتعلق بيه.
و إذا كنت فعلا لاقيت التلات حاجات دول ف حد ف استمتع بفترة الترانزيت ، أنت من المحظوظين دلوقتى ، وأتمنالك كل خير.
أما لو لسه ملقتش التلات حاجات ف حد، ف متقلقش الأكل موجود، واصحابك موجودين ، وممكن .. ممكن ، ممكن تربِّى كلب!.